النوع الثالث من مباحث هذا الباب ، مباحث حروف الجر    : 
فإن هذه الكلمة اشتملت على نوعين منها أحدهما الباء ؛ وثانيهما لفظ " من " فنقول : في لفظ من مباحث : - 
( أ ) أنك تقول : " أخذت المال من ابنك " فتكسر النون ثم تقول : " أخذت المال من الرجل " فتفتح النون ، فههنا اختلف آخر هذه الكلمة ، وإذا اختلفت الأحوال دلت على اختصاص كل حالة بهذه الحركة ، فههنا اختلف آخر هذه الكلمة باختلاف العوامل ، فإنه لا معنى للعامل إلا الأمر الدال على استحقاق هذه الحركات ، فوجب كون هذه الكلمة معربة 
( ب ) كلمة " من " وردت على وجوه أربعة : 
ابتداء الغاية ، والتبعيض ، والتبيين ، والزيادة . 
( ج ) قال  المبرد    : الأصل هو ابتداء الغاية ، والبواقي مفرعة عليه ، وقال آخرون : الأصل هو التبعيض ، والبواقي مفرعة عليه . 
( د ) أنكر بعضهم كونها زائدة ، وأما قوله تعالى : ( يغفر لكم من ذنوبكم    ) [ الأحقاف : 31 ] فقد بينوا أنه يفيد فائدة زائدة فكأنه قال يغفر لكم بعض ذنوبكم ، ومن غفر كل بعض منه فقد غفر كله . 
( هـ ) الفرق بين من وبين عن  لا بد من ذكره قال الشيطان ( ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم    ) [ الأعراف : 17 ] وفيه سؤالان : 
الأول : لم خص الأولين بلفظ من والثالث والرابع   [ ص: 89 ] بلفظ عن . 
الثاني : لما ذكر الشيطان لفظ من ولفظ عن فلم جاءت الاستعاذة بلفظ من فقال : ( أعوذ بالله من الشيطان ) ولم يقل عن الشيطان . 


						
						
