[ ص: 119 ]   167 -  هرم بن حيان  
ومنهم الهائم الحيران ، القائم العطشان ،  هرم بن حيان  ، عاش في حبه ولهان حرقا ، وعاد قبره حين دفن ريان غدقا . 
وقد قيل : إن التصوف الاحتراق حذار الافتراق ، والاشتياق لدار الاستباق . 
حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان  ، قال : ثنا  عبد الله بن أحمد بن حنبل  ، حدثني أبي ، قال : ثنا جعفر  ، حدثني  مطر الوراق  ، قال : بات هرم بن حيان العبدي  عند حممة  صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فبات حممة  ليلته يبكي كلها حتى أصبح ، فلما أصبح قال له هرم    : يا حممة  ما أبكاك ؟ قال : ذكرت ليلة صبيحتها تبعثر القبور فتخرج من فيها  ، وتتناثر نجوم السماء ، فأبكاني ذلك ، قال : وكانا يصطحبان أحيانا بالنهار فيأتيان سوق الريحان فيسألان الله تعالى الجنة ، ويدعوان ، ثم يأتيان الحدادين فيتعوذان من النار ، ثم يفترقان إلى منازلهما   . 
حدثنا  أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حمزة  ، قال : ثنا أحمد بن يحيى الحلواني  ، قال : ثنا سعيد بن سليمان  ، عن يوسف بن عطية  ، قال : ثنا المعلى بن زياد  ، قال : كان  هرم بن حيان  يخرج في بعض الليل وينادي بأعلى صوته : عجبت من الجنة كيف ينام طالبها  ؟ وعجبت من النار كيف ينام هاربها ؟ ثم قرأ : ( أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون    ) ثم يقرأ والعصر ، وألهاكم ، ثم يرجع إلى أهله   . 
أخبرنا أبو بكر بن مالك  ، قال : ثنا  عبد الله بن أحمد بن حنبل  ، قال : ثنا شيبان بن أبي  ، قال : ثنا أبو حمزة العطار  ، قال : ثنا إسحاق بن الربيع  ، قال : ثنا الحسن  ، عن هرم بن حيان العدوي  ، أنه كان يقول : ما رأيت مثل الجنة نام طالبها ، ولا مثل النار نام هاربها ، قال : وكان يقول : أخرجوا من قلوبكم حب الدنيا  ، وأدخلوا قلوبكم حب الآخرة   . 
حدثنا أبو بكر بن مالك  ، قال : ثنا  عبد الله بن أحمد بن حنبل  ، قال : حدثني   [ ص: 120 ] أبو همام الوليد بن شجاع  ، قال : ثنا مخلد - يعني ابن حسين    - عن هشام  ، وعن الحسن  ، قال : خرج  هرم بن حيان  ، وعبد الله بن عامر  يؤمان الحجاز  ، فجعل أعناق رواحلهما تخالجان الشجر ، فقال هرم  لابن عامر    : أتحب أنك شجرة من هذه الشجر ، فقال ابن عامر    : لا والله إنا لنرجو من رحمة الله ما هو أوسع من ذلك ، قال له هرم  وكان أفقه الرجلين وأعلمهما بالله : لكني والله لوددت أني شجرة من هذه الشجر قد أكلتني هذه الراحلة  ، ثم قذفتني بعرا ولم أكابد الحساب يوم القيامة ، إما إلى الجنة وإما إلى النار ، ويحك يا ابن عامر  إني أخاف الداهية الكبرى   . 
رواه جرير  ، عن جابر  ، عن  حميد بن هلال  نحوه . 
حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر  ، قال : ثنا أحمد بن الحسن الحذاء  ، قال : ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي  ، قال : ثنا إبراهيم بن عبد الرحمن - يعني ابن مهدي    - قال :حدثني يحيى بن المظفر  ، قال : ثنا جعفر بن سليمان  ، عن  مالك بن دينار  ، قال : استعمل  هرم بن حيان  فظن أن قومه سيأتونه ، فأمر بنار فأوقدت بينه وبين من يأتيه من القوم ، فجاءه قومه يسلمون عليه من بعيد ، فقال : مرحبا بقومي ادنوا ، قالوا : والله ما نستطيع أن ندنو لقد حالت النار بيننا وبينك ، قال : وأنتم تريدون أن تلقوني في نار أعظم منها ، في نار جهنم  ، قال : فرجعوا   . 
حدثنا عبد الله بن محمد  ، قال : ثنا محمد بن شبل  ، قال : ثنا أبو بكر بن أبي شيبة  ، قال : ثنا  خلف بن خليفة  ، قال : ثنا  إسماعيل بن أبي خالد  ، قال : قال  هرم بن حيان    : اللهم إني أعوذ بك من شر زمان تمرد فيه صغيرهم ، وتآمر فيه كبيرهم ، وتقرب فيه آجالهم    . 
رواه الحسن  ، عن هرم  مثله . 


						
						
