[ ص: 90 ] حدثنا أبو محمد بن حيان  ، ثنا أحمد بن الحسين الحذاء  ، ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي  ، ثنا علي بن الحسن  ، قال : بلغ فضيلا  أن جريرا  يريد أن يأتيه ، قال : فأقفل الباب من خارج فجاء جرير  فرأى الباب مقفلا فرجع ، قال علي    : فبلغني ذلك فأتيته فقلت له : جرير  ، فقال : ما تصنع بي وظهر لي محاسن كلامه ، وأظهرت له محاسن كلامي فلا يتزين لي ولا أتزين له خير له "   . 
قال علي    : ما رأيت أخوف منه ولا أنصح للمسلمين منه  ، ولقد رأيته في المنام قائما على صندوق ، وهو يعطي المصاحف والناس حوله فيهم  سفيان بن عيينة  ،  وهارون أمير المؤمنين  فما رأيته يودع أحدا فيقدر أن يتم وداعه ، ولقد ودع جريرا  أتاه بعد الظهر فودعه ، فقال فضيل  لجرير    : أوصيك بتقوى الله فلما أراد أن يقول : ( إن الله مع الذين اتقوا    ) خنقته العبرة فترك يده فمضى فما زال ينشج من موضعه إلى المسجد   " . 
وسمعته يقول : لقد أصابتنا بالكوفة  مجاعة فكان علي  يتصدق بطعامه حتى يحز  ، ولقد كان يقرأ الآية وهو يؤمهم بالكوفة  فيخفيها من أجله " . 
حدثنا أبو محمد بن حيان  ، ثنا أحمد بن الحسين  ، ثنا أحمد بن إبراهيم  ، ثنا سلمة بن غفار  ، عن  شعيب بن حرب  ، قال : بينا أطوف بالبيت إذا رجل يمد ثوبي من خلفي فالتفت فإذا بفضيل بن عياض  فقال : " لو شفع في وفيك أهل السماء كنا أهلا أن لا يشفع فينا    " قال شعيب    : ولم أكن رأيته قبل ذلك بسنة ، قال : فكسرني وتمنيت أني لم أكن رأيته . 
حدثنا أبو محمد  ، ثنا أحمد  ، ثنا أحمد  ، حدثني محمد بن عيسى الوانشي  ، عن فضيل بن عياض  ، قال : " ما أغبط ملكا مقربا ، ولا نبيا مرسلا يعاين القيامة وأهوالها  ، وما أغبط إلا من لم يكن شيئا " . 
حدثنا أبو محمد بن حيان  ، ثنا أحمد بن الحسين  ، ثنا أحمد بن إبراهيم  ، ثنا الفيض بن إسحاق  ، قال : سمعت فضيلا  يقول : ليست الدار دار إقامة ، وإنما أهبط آدم إليها عقوبة  ، ألا ترى كيف يزويها عنه ويمرر عليه بالجوع مرة ، وبالعري مرة ، وبالحاجة مرة ؟ كما تصنع الوالدة الشفيقة بولدها ، تسقيه مرة حضيضا ومرة صبرا ، وإنما تريد بذلك ما هو خير له ، قال : وقال لي الفضيل    : تريد الجنة   [ ص: 91 ] مع النبيين والصديقين  ، وتريد أن تقف الموقف مع نوح  وإبراهيم  ومحمد  عليهم الصلاة والسلام بأي عمل ؟ وأي شهوة تركتها لله عز وجل ، وأي قريب باعدته في الله ، وأي بعيد قربته في الله ، قال : وسمعت فضيلا  يقول : لا يترك الشيطان الإنسان حتى يحتال له بكل وجه  ، فيستخرج منه ما يخبر به من عمله ، لعله يكون كثير الطواف فيقول : ما كان أجلى الطواف الليلة ، أو يكون صائما فيقول : ما أثقل السحور ، أو ما أشد العطش ، فإن استطعت أن لا تكون محدثا ولا متكلما ولا قارئا ، وإن كنت بليغا ، قالوا : ما أبلغه وأحسن حديثه ، وأحسن صوته ، فيعجبك ذلك فتنتفخ ، وإن لم تكن بليغا ولا حسن الصوت قالوا : ليس يحسن يحدث ، وليس صوته بحسن أحزنك وشق عليك ، فتكون مرائيا ، وإذا جلست فتكلمت ، ولم تبال من ذمك ومن مدحك من الله فتكلم . 

 
				
 
						 
						

 
					 
					