( حدثنا   محمد بن بشار  حدثنا   صفوان بن عيسى  حدثنا  عمرو بن عيسى أبو نعامة     ) بفتح النون في الأصل ، وفي نسخة بضمها والأول هو الصحيح ، ففي المغني :  يزيد بن نعامة بضم النون وأبو نعامة بفتح النون اسمه عيسى بن سوادة ثقة ( العدوي     ) بفتحتين ( قال سمعت  خالد بن عمير     ) بالتصغير وكذا قوله (  وشويسا     ) بمعجمة ، ثم مهملة (  أبا الرقاد     ) بضم فقاف مخففة ( قالا ) أي : كلاهما ( بعث   عمر بن الخطاب     ) أي : في أواخر خلافته (   عتبة بن غزوان     ) بفتح معجمة وسكون زاي صحابي جليل مهاجري بدري ( وقال ) أي :  عمر     ( انطلق أنت ومن معك ) أي : من العسكر ( حتى إذا كنتم في أقصى أرض العرب ) أي : أبعدها ( وأدنى بلاد أرض العجم ) أي : أقربها إلى أرض العرب ، والمعنى أن هذا غاية سيركم ( فأقبلوا ) فعل ماض من الإقبال أي : توجهوا ( حتى إذا كانوا  بالمربد      ) بكسر ميم فسكون ففتح موحدة من ربد بالمكان إذا أقام فيه ، وربده إذا حبسه ، وهو الموضع الذي يحبس فيه الإبل والغنم ، أو يجمع فيه الرطب حتى تجف ، وبه سمي  مربد البصرة      ( وجدوا هذا الكذان ) بفتح كاف وتشديد ذال معجمة حجارة رخوة بيض كأنها مدر ونونه أصلية أو زائدة ،  والبصرة   أيضا حجارة رخوة مائلة إلى البياض ( فقالوا ) أي : فقال بعضهم لبعض ( ما هذه )      [ ص: 245 ] أي : اسم هذه الأرض ( هذه  البصرة      ) أي : قالوا كما في نسخة ، ولا يبعد أن يكون همزة الاستفهام مقدرة ، فلا يحتاج إلى تقدير القول ، ثم  البصرة   بناها   عتبة بن غزوان  في خلافة  عمر     - رضي الله عنه - سنة سبع عشر وسكنها الناس سنة ثمان عشر ، قيل ولم يعبد بأرضها صنم ، ويقال لها قبة الإسلام وخزانة العرب ، والنسبة بصري على القياس ، وأكثر السماع بالكسر ، وروى  أبو زيد  ضمها ، والبصرتان  الكوفة   والبصرة      ( فساروا ) أي : فتعدوا عنها وساروا ( حتى إذا بلغوا أحيال الجسر الصغير ) بكسر الحاء المهملة فتحتية أي : تلقاءه ، ومقابله والجسر بكسر الجيم ما يبنى على وجه الماء ، ويركب عليه من الألواح والحشيان ليعبروا عليه ( فقالوا ) أي : بعضهم لبعض ( هاهنا ) أي : في هذا المكان ( أمرتم ) أي : بالنزول والإقامة حفظا له عن عد ويجري لأخذه ( فنزلوا فذكروا ) المراد بالجمع ما فوق الواحد ، وفي نسخة فذكرا بصيغة التثنية ، وهو الظاهر ؛ لأن الضمير راجع إلى  خالد  وشويس  ، وفي نسخة فذكر بصيغة الواحد المعلوم أي :   محمد بن بشار  على ما ذكره  ابن حجر  أو  أبو نعامة  ، وهو الأقرب ، أو ذكر كل واحد من الروايتين ( الحديث بطوله ) ولم يستكمله ؛ لأن الشاهد للباب هو ما سيأتي من كلام  عتبة  مما يدل على ضيق عيش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ( قال ) أي : كل واحد ، وهو يرجح مثله مما سبق من أنواع التأويل ، وفي نسخة صحيحة قالا ، أي : كلاهما ( فقال   عتبة بن غزوان  لقد رأيتني ) أي : أبصرت نفسي ( وإني ) بكسر الهمزة ، أي : والحال إني ( لسابع سبعة ) أي : في الإسلام ( مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) ؛ لأنه أسلم بعد ستة نفر ، قال  ابن حجر     : أي : واحد من سبعة جعل نفسه سابعا ؛ لأنه سبع الستة ، لكن قضية قوله الآتي بيني وبين سبعة أنه ثامن ، لكن قوله أولئك السبعة بدل الأول ، وأن المراد بقوله هناك بقية سبعة ، قلت وسيأتي أن رواية الأصل بين  سعد ،  وأن في نسخة بين سبعة ، وهي تصحيف وتحريف فالمدار عليه ضعيف ( ما لنا طعام إلا ورق الشجر ) بالرفع على البدلية ( حتى تقرحت ) بالقاف وتشديد الراء ، وفي نسخة قرحت على زنة فرحت ، وفي أخرى بصيغة المجهول ، أي : جرحت ( أشداقنا ) جمع شدق بالكسر ، وهو جانب الفم ، أي : صارت فيها أقراح وجراح من خشونة الورق الذي نأكله وحرارته ( فالتقطت ) أي : أخذت من الأرض على ما في الصحاح ( بردة ) بضم موحدة وسكون راء شملة مخططة ، وقيل كساء أسود مربع ، فيه خطوط صفر ، يلبسه الأعراب ، وقال  ميرك     : الالتقاط أن يعثر على الشيء من غير      [ ص: 246 ] قصد وطلب ( فقسمتها ) بتخفيف السين ، ويجوز تشديدها ( بيني وبين سبعة ) أي :  ابن أبي وقاص  على ما في الأصول المصححة والنسخ المعتمدة ، قال  ميرك     : وفي بعض النسخ سبعة بدل سعد ، وهو سهو لما في رواية مسلم فقسمتها بيني وبين  سعد بن مالك  فاتزرت بنصفها واتزر  سعد  بنصفها ( فما منا من أولئك السبعة أحد إلا وهو أمير مصر من الأمصار ) أي : وهذا جزاء الأبرار في هذه الدار ، وهو خير وأبقى في دار القرار ( وستجربون الأمراء بعدنا ) إخبار بأن من بعدهم من الأمراء ليسوا مثل الصحابة في العدالة والديانة والإعراض عن الدنيا الدنية والأغراض النفسية ، وكان الأمر كذلك ، فهو من الكرامات بالخبر عن الأمور الغيبية ، وأشار إلى الفرق بأنهم رأوا منه - صلى الله عليه وسلم - ما كان سببا لرياضتهم ومجاهدتهم وتقللهم في أمر معيشتهم ، فمضوا بعده على ذلك واستمروا على ما هنالك ، وأما غيرهم ممن بعدهم فليسوا كذلك ، فلا يكونون على قضية طباعهم المجبولة على الأخلاق القبيحة ، فلا يستقيموا مع الحق على الصدق ، ولا مع الخلق على حسن الخلق .  

 
				
 
						 
						

 
					 
					