( مسألة ) : اشتهر عن السلف الصالح   كأحمد بن حنبل  ،  وهارون الفروي  ، وجماعة أئمة الحديث أن  اللفظية جهمية   ،  واللفظية   هم من قال : لفظي بالقرآن مخلوق . قال أئمة السنة - رحمهم الله تعالى : ومن قال : لفظي بالقرآن غير مخلوق ، فهو مبتدع ، يعنون غير بدعية  الجهمية   ، وذلك لأن اللفظ يطلق على معنيين : أحدهما الملفوظ به ، وهو القرآن ، وهو  كلام الله   ، ليس فعلا للعبد ولا مقدورا له ، والثاني التلفظ ، وهو فعل العبد وكسبه وسعيه ، فإذا أطلق لفظ الخلق على المعنى الثاني ، شمل الأول ، وهو قول  الجهمية   ، وإذا عكس الأمر بأن قال : لفظي بالقرآن غير مخلوق ، شمل المعنى الثاني ، وهي بدعة أخرى من بدع الاتحادية . وهذا ظاهر عند كل عاقل ، فإنك إذا سمعت رجلا يقرأ (  قل هو الله أحد      ) تقول : هذا لفظ سورة الإخلاص ، وتقول : هذا لفظ فلان بسورة الإخلاص ، إذ اللفظ معنى مشترك بين التلفظ الذي هو فعل العبد ، وبين الملفوظ به الذي هو كلام الله ، عز      [ ص: 293 ] وجل .  
وهذا بخلاف ما ذكر السلف بقولهم : الصوت صوت القاري ، والكلام كلام الباري ، فإن الصوت معنى خاص بفعل العبد ، لا يتناول المتلو المؤدى بالصوت البتة ، ولا يصلح أن تقول هذا صوت  قل هو الله أحد   ، ولا يقول ذلك عاقل ، وإنما تقول هذا صوت فلان يقرأ  قل هو الله أحد   ، ونحو ذلك . نعم ، إذا سمع كلام الله - عز وجل - منه - تعالى - بدون واسطة ، كسماع  موسى   عليه الصلاة والسلام ، وسماع  جبريل      - عليه السلام ، وسماع أهل الجنة كلامه منه - عز وجل - فحينئذ التلاوة والمتلو صفة الباري - عز وجل - ليس منها شيء مخلوق .  
تعالى الله علوا كبيرا . ( ما قاله لا يقبل التبديلا ) قال الله تعالى : (  ما يبدل القول لدي      ) ، ( ق : 29 ) ، وقال تعالى : (  واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته      ) ، ( الكهف : 27 ) ، وقال تعالى : (  وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم      ) ، ( الأنعام : 115 ) ، وقال تعالى : (  لا تبديل لكلمات الله      ) ، ( يونس : 64 ) .  
( كلا ) أي لا يكون ذلك ، ( ولا أصدق منه ) أي من الله - تعالى - ( قيلا ) أي قولا ، وهو تمييز محول عن اسم لا ، والتقدير لا قيل أصدق من قيله ، قال الله تبارك وتعالى : (  الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ومن أصدق من الله حديثا      ) ، ( النساء : 87 ) ، وقال تعالى في الآية الأخرى : (  ومن أصدق من الله قيلا      ) ، ( النساء : 112 ) أي من أصدق من الله - تعالى - في حديثه وخبره ، ووعده ووعيده ؟ والجواب : لا أحد .  
وفي خطبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :  إن أصدق الحديث كلام الله ، وخير الهدي هدي  محمد      - صلى الله عليه وسلم     . الحديث .  


						
						
