دعوته إلى سبيل ربه      .  
( ثم دعا إلى سبيل ربه ) ، وهو على دين الإسلام الذي أرسل الله تعالى به رسله ، وأنزل به كتبه ، وهو دينه في السماء والأرض ، ولن يقبل الله تعالى من أحد دينا سواه ، ( عشر سنين ) دعوته إلى التوحيد وترك عبادة الأوثان فقط ، قبل أن يفرض عليه الصلوات الخمس ولا غيرها ، قائلا (  أيها الناس اعبدوا ربا ، تعالى شأنه     ) ، لا تعبدوا إلا الله ( ووحدوا ) تفسير لذلك .  
وهذه دعوة من قبله من  نوح   إلى خاتمهم  محمد      - صلى الله عليه وسلم ، كلهم يقول : (  يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره      ) ، ( الأعراف 59 ) ، وكانت الدعوة في أول البعثة سرا ثلاث سنين ، فيما ذكر   ابن إسحاق  وغيره .  
قال   ابن مسعود     - رضي الله عنه : ما زال النبي - صلى الله عليه وسلم - مستخفيا حتى نزلت (  فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين      ) ، ( الحجر 94 ) . وقال   البخاري     - رحمه الله تعالى - في تفسير سورة الشعراء : قوله - عز وجل : (  وأنذر عشيرتك الأقربين   واخفض جناحك      ) ، ( الشعراء 214 ) : حدثنا   عمر بن حفص بن غياث  ، حدثنا أبي ، حدثنا   الأعمش  قال : حدثني   عمرو بن مرة  ، عن   سعيد بن جبير  ، عن   ابن عباس     - رضي الله عنهما - قال :  لما نزلت (  وأنذر عشيرتك الأقربين      ) ، ( الشعراء 214 ) ، صعد النبي - صلى الله عليه وسلم - على الصفا ، فجعل ينادي : يا  بني فهر   ، يا  بني عدي   ، لبطون  قريش   حتى اجتمعوا ، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج ، أرسل رسولا لينظر ما هو ، فجاء أبو لهب وقريش ، فقال : أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم ، أكنتم مصدقي ؟ قالوا : نعم ، ما جربنا عليك إلا صدقا . قال : فإني نذير لكم ، بين يدي عذاب شديد . فقال  أبو لهب     : تبا لك سائر اليوم ، ألهذا جمعتنا ؟ فنزلت      [ ص: 1056 ]    (  تبت يدا أبي لهب وتب   ما أغنى عنه ماله وما كسب      )  ، ( المسد 1 - 2 ) .  
حدثنا  أبو اليمان  ، أخبرنا  شعيب  ، عن   الزهري  قال : أخبرني   سعيد بن المسيب   وأبو سلمة بن عبد الرحمن     : أن   أبا هريرة     - رضي الله عنه - قال :  قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أنزل الله (  وأنذر عشيرتك الأقربين      ) ، ( الشعراء 214 ) قال : يا معشر  قريش   ، أو كلمة نحوها ، اشتروا أنفسكم ، لا أغني عنكم من الله شيئا . يا  بني عبد مناف   ، لا أغني عنكم من الله شيئا . يا   عباس بن عبد المطلب  ، لا أغني عنك من الله شيئا . ويا  صفية  عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا أغني عنك من الله شيئا . ويا   فاطمة بنت محمد     - صلى الله عليه وسلم - سليني ما شئت من مالي ، لا أغني عنك من الله شيئا     .  
ورواهما  مسلم  أيضا وقال - رحمه الله : حدثنا   قتيبة بن سعيد   وزهير بن حرب  قالا : حدثنا  جرير  ، عن   عبد الملك بن عمير  ، عن   موسى بن طلحة  ، عن   أبي هريرة     - رضي الله عنه - قال :  لما نزلت هذه الآية (  وأنذر عشيرتك الأقربين      ) ، ( الشعراء 214 ) ، دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  قريشا   ، فاجتمعوا ، فعم وخص ، فقال : يا  بني كعب بن لؤي   ، أنقذوا أنفسكم من النار . يا  بني مرة بن كعب   ، أنقذوا أنفسكم من النار . يا  بني عبد شمس   ، أنقذوا أنفسكم من النار . يا  بني عبد مناف   ، أنقذوا أنفسكم من النار . يا  بني هاشم      : أنقذوا أنفسكم من النار . يا  بني عبد المطلب   ، أنقذوا أنفسكم من النار . يا  فاطمة  ، أنقذي نفسك من النار ، فإني لا أملك لكم من الله شيئا غير أن لكم رحما سأبلها ببلالها     .  
وله عن  عائشة     - رضي الله عنها - قالت :  لما نزلت (  وأنذر عشيرتك الأقربين      ) ، ( الشعراء 214 ) ، قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الصفا ، فقال : يا   فاطمة بنت محمد  ، يا   صفية بنت عبد المطلب  ، يا  بني عبد المطلب   ، لا أملك لكم من الله شيئا ، سلوني من مالي ما شئتم     .  
وله عن  قبيصة بن المخارق   [ ص: 1057 ] وزهير بن عمرو  قالا :  لما نزلت (  وأنذر عشيرتك الأقربين      ) ، ( الشعراء 214 ) انطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى رضمة من جبل ، فعلا أعلاها حجرا ، ثم نادى : يا  بني عبد مناف   ، إني نذير ، إنما مثلي ومثلكم كمثل رجل رأى العدو ، فانطلق يربأ أهله ، فخشي أن يسبقوه ، فجعل يهتف : يا صباحاه . وكان قبل ذلك في غار حراء     . . . الخ . تقدم معناه في حديث   الحارث بن هشام     .  


						
						
