حديث آخر . 
 322  - أخرجه أبو القسم عبد العزيز  قال : علي بن إبراهيم الموصلي  ، نا أبو مزاحم موسى بن عبيد المقري  ، نا  عبد الله بن أحمد بن حنبل  قال : حدثني أبي قال : أبو المغيرة الخولاني  ، قال : نا  الأوزاعي  نا قال : حدثني  يحيى بن أبي كثير  ، عن  عكرمة  ، قال : " إن الله عز وجل إذا أراد أن يخوف عباده أبدى عن بعضه إلى الأرض ، فعند ذلك تزلزل ، وإذا أراد أن يدمر على قوم تجلى لها "  [ ص: 341 ]  . 
ورواه  ابن فورك  ، عن  يحيى بن أبي كثير  ، عن  عكرمة  ، عن  ابن عباس   : " إن الله تبارك وتعالى إذا أراد أن يخوف أهل الأرض أبدى عن بعضه ، وإذا أراد أن يدمر عليهم تجلى لها   "  . 
أما قوله : " أبدى عن بعضه " فهو على ظاهره ، وأنه راجع إلى الذات إذ ليس في حمله على ظاهره ما يحيل صفاته ، ولا يخرجها عما تستحق . 
فإن قيل : بل في حمله على ظاهره ما يحيل صفاته ، لأنه يستحيل وصفه بالكل والبعض والجزء ، فوجب حمله على إباء بعض آياته وعلاماته تحذيرا ونذيرا . 
قيل : لا يمتنع إطلاق هذه الصفة على وجه لا يفضي إلى التجزئة والتبعيض ، كما أطلقنا تسمية يد ووجه ، لا على وجه التجزئة والبعض ، وإن كنا نعلم أن اليد في الشاهد بعض من الجملة . 
وجواب آخر : وهو أنه لو جاز أن يحمل قوله : " أبدى عن بعضه " على بعض آياته لوجب أن يحمل قوله : " وإذا أراد يدمر تجلى لها " على جميع آياته ، ومعلوم أنه لم يدمر قرية بجميع آياته ، لأنه قد أهلك بلادا ، كل بلد بغير ما أهلك به الآخر . 
وأما قوله : " تجلى لها " فهو راجع إلى تجلي الذات ، كما حملنا التجلي للجبل أنه تجلي ذات حين تقطع الجبل ، كذلك ها هنا . 
فإن قيل : يحمل قوله " تجلى لها " معناه آياته وأفعاله ، لأن معنى التجلي هو : الظهور ، ولهذا يقال : جلوت السيف وجلوت العروس ، إذا أظهرتها وأبرزتها ، ومنه قول القائل : تجلى لنا بالمشرفية والقنا  [ ص: 342 ] يعني : بالسيوف والرماح قيل : هذا غلط ، لأنه إن جاز تأويل الخبر على إظهار آياته ، جاز تأويل تجليه للجبل على ظهور آياته ، ولما حملوا ذلك على ظاهره ، لم يمتنع أيضا حمل هذا التجلي على ظاهره ، إذ ليس في إضافة التجلي إليه ما يحيل صفاته ولا يخرجها عما تستحقه ، لأنا نطلق ذلك من غير انتقال ، ولا فراغ مكان وشغل مكان آخر ، وكذلك قوله : ( وجوه يومئذ ناضرة  إلى ربها ناظرة   ) محمول على ظاهره في رؤية الذات لا الأفعال  [ ص: 343 ]  . 

 
				
 
						 
						

 
					 
					