870  - أنا  أبو بكر البرقاني ،  قال : قرأت على  أبي العباس محمد بن أحمد بن حمدان ،  حدثكم الحسين بن محمد القباني ،  نا  أبو الأشعث ،  نا  خالد بن الحارث ،  نا حميد ،  قال : سئل  أنس   - إن شاء الله - عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وصومه ، فقال : " كان يصوم من الشهر حتى نقول : لا يريد أن يفطر منه شيئا  [ ص: 216 ] ويفطر حتى نقول : لا يريد أن يصوم منه شيئا ، وما كنا نشاء أن نراه من الليل مصليا إلا رأيناه ، ولا نائما إلا رأيناه   " . 
قال بعض الحكماء : 
 " إن لهذه القلوب تنافرا كتنافر الوحش ، فألفوها بالاقتصاد في التعليم ، والتوسط في التقويم ، لتحسن طاعتها ، ويدوم نشاطها "  
ولا ينبغي أن يمرج نفسه فيما يستفرغ مجهوده ، وليعلم أنه إن فعل ذلك فتعلم في يوم ضعف ما يحتمل أضر به في العاقبة ، لأنه إذا تعلم الكثير الذي لا طاقة له به ، وإن تهيأ له في يومه ذلك أن يضبطه ، وظن أنه يحفظه ، فإنه إذا عاد من غد وتعلم نسي ما كان تعلمه أولا ، وثقلت عليه إعادته ، وكان بمنزلة رجل حمل في يومه ما لا يطيقه فأثر ذلك في جسمه ثم عاد من غد ، فحمل ما يطيقه فأثر ذلك في جسمه ، وكذلك إذا فعل في اليوم الثالث ، ويصيبه المرض وهو لا يشعر . 
ويدل على ما ذكرته : أن الرجل يأكل من الطعام ما يرى أنه يحتمله في يومه مما يزيد فيه على قدر عادته ، فيعقبه ذلك ضعفا في معدته ، فإذا أكل في اليوم الثاني قدر ما كان يأكله أعقبه لباقي الطعام المتقدم في معدته تخمة . 
 [ ص: 217 ] فينبغي للمتعلم أن يشفق على نفسه من تحميلها فوق طاقتها ، ويقتصر من التعليم على ما يبقي عليه حفظه ، ويثبت في قلبه . 


						
						
