[ ص: 287 ] أبو جعفر القارئ 
أحد الأئمة العشرة في حروف القراءات ، واسمه يزيد بن القعقاع المدني . تلا على مولاه عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي  ، وذكر جماعة أنه قرأ أيضا على  أبي هريرة  ،  وابن عباس  عن أخذهم عن أبي بن كعب  ، وقد صلى بابن عمر   . 
وحدث عن  أبي هريرة  ،  وابن عباس  ، وهو نزر الرواية ، لكنه في الإقراء إمام . قيل : تصدر للأداء من قبل وقعة الحرة ، ويقال : تلا على  زيد بن ثابت  ولم يدركه . 
قرأ عليه نافع  ، وسليمان بن مسلم بن جماز  ، وعيسى بن وردان  ، وطائفة وحدث عنه مالك بن أنس  ،  والدراوردي  ،  وعبد العزيز بن أبي حازم   . 
ووثقه ابن معين   والنسائي  ، قال أبو عبيد   ; كان يقرئ قبل وقعة الحرة ، حدثنا بذلك إسماعيل بن جعفر  عنه . وقال إسماعيل بن جعفر   : قال لي سليمان بن مسلم   : أخبرني أبو جعفر  أنه كان يقرئ قبل الحرة  ، وكان يمسك المصحف على مولاه ، قال : وكان من أقرأ الناس ، وكنت أرى كل ما يقرأ ، وأخذت عنه قراءته . وأخبرني أبو جعفر  أن أم سلمة  مسحت على رأسه ، ودعت له . 
وعن يحيى بن عباد   : سألت أبا جعفر   : متى علمت القرآن ؟ قال : زمن معاوية   . 
وقال نافع القارئ   : كان أبو جعفر  ، يقوم الليل ، فإذا أقرأ ينعس ، فيقول لهم : ضعوا الحصى بين أصابعي وضموها ، فكانوا يفعلون ذلك ، والنوم يغلبه .  [ ص: 288 ] 
فقال : إذا نمت ، فمدوا خصلة من لحيتي . قال : فمر به مولاه ، فيرى ما يفعلون به . فيقول : أيها الشيخ ، ذهبت بك الغفلة ، فيقول أبو جعفر   : هذا في خلقه شيء ، دوروا بنا وراء القبر  . 
وقال ابن وهب   : حدثنا ابن زيد بن أسلم  ، قال : قال رجل لأبي جعفر   -وكان في دينه فقيها وفي دنياه أبله- : هنيئا لك ما آتاك من القرآن ، قال : ذاك إذا أحللت حلاله ، وحرمت حرامه ، وعملت بما فيه . وكان يصلي خلف القراء في رمضان ، يلقنهم ، يؤمر بذلك ، وجعلوا بعده شيبة   . 
وقيل : كان يتصدق حتى بإزاره ، وكان من العباد . وروى  زيد بن أسلم  ، عن سليمان بن مسلم  ، قال : رأيت أبا جعفر القارئ  على الكعبة  ، فقال : أقرئ إخواني السلام ، وخبرهم أن الله جعلني من الشهداء الأحياء المرزوقين . 
وروى إسحاق المسيبي  ، عن نافع  ، قال : لما غسل أبو جعفر  ، نظروا ما بين نحره إلى فؤاده كورقة المصحف ، فما شك من حضره أنه نور القرآن  . وقد سقت كثيرا من أخبار أبي جعفر  في " طبقات القراء " . 
مات سنة سبع وعشرين ومائة قاله  محمد بن المثنى  ، وقال شباب   : سنة اثنتين وثلاثين . وعاش نيفا وتسعين سنة -رحمه الله . 


						
						
