[  136  ] وبهذا الإسناد ، حدثنا ورقاء ،  عن  حصين بن عبد الرحمن  ، عن عبيد الله بن مسلم  [ ص: 292 ] بن الحضرمي  قال :  " كان لنا غلامان نصرانيان من أهل عين التمر ويسمى أحدهما : يسار ،  والآخر : جبر ،  وكانا صيقلين وكانا يقرآن كتابا لهما ، فربما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام عليهما ، فقال المشركون : إنما يتعلم محمد  صلى الله عليه وسلم منهما فأنزل الله عز وجل هذه الآية . 
وزعم الكلبي  فيما روى عن  أبي صالح  ، عن  ابن عباس  رضي الله عنهما " أنهما كانا أسلما ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيهما فيحدثهما ، ويعلمهما ، وكانا يقرآن كتابيهما بالعبرانية . 
قال  البيهقي  رحمه الله : " ومن تعلق بمثل هذا الضعيف لم يسكت عن شيء يتهمه به ، فدل على أنهم لو اتهموه بشيء مما نفيناه عنه لذكروه ، ولم يسكتوا عنه ، وبالله التوفيق . 
وبسط  الحليمي   - رحمه الله تعالى - كلامه في الإشارة إلى ما في كتاب الله تعالى من أنواع العلوم ، وما في ذلك من الإعجاز . 
ثم إن له صلى الله عليه وسلم وراء القرآن من الآيات الباهرة :   " إجابة الشجرة إياه لما دعاها ،  [ ص: 293 ] وتكلم الذراع المسمومة إياه ، وازدياد الطعام لأجله حتى أصاب منه ناس كثير ، وخروج الماء من بين أصابعه في المخضب حتى توضأ منه ناس كثير ، وحنين الجذع ، وظهور صدقه في مغيبات كثيرة أخبر عنها " وغير هذه كما قد ذكر ، ودون وفي الواحد منها كفاية غير أن الله - جل ثناؤه - لما جمع له بين أمرين : 
أحدهما : بعثه إلى الجن والإنس عامة .  [ ص: 294 ] 
والآخر : ختمه النبوة به ظاهر له بين الحجج حتى إن شذت واحدة عن فريق بلغتهم أخرى ، وإن لم ينجع واحدة نجعت أخرى ، وإن درست على الأيام واحدة بقيت أخرى . 
ولله في كل حال الحجة البالغة ، وله الحمد على نظره لخلقه ورحمته إياهم كما يستحقه . 
وذكر  الحليمي   - رحمه الله تعالى - فصولا في الكهنة ، ومسترقي السمع . 
وقد ذكرنا في كتاب دلائل النبوة ما ورد في ذلك من الأخبار وما وجد من الكهنة ، والجن في تصديق نبينا صلى الله عليه وسلم ، وإشاراتهم على أوليائهم من الإنس بالإيمان به ، ولا يجوز على مؤمني الجن أن يحملوا أولياءهم على الكذب على الله ، أو على متابعة من يكذب على الله ، وعلى كفارهم أن يأمروا أولياءهم بالإيمان بمن كفروا به ، فدل على أن من آمن به منهم إنما هو لمعرفة وقعت له لصدقه لمن آمن به من الإنس ، وبالله التوفيق " . 


						
						
