[ ص: 409 ] 917 - باب بيان مشكل ما روي عن عقبة بن عامر في أمره إياه أن يضحي بعتود .
5719 - حدثنا الربيع المرادي ، حدثنا أسد بن موسى ، حدثنا الليث بن سعد ، حدثني ابن أبي حبيب ، عن أبي الخير ، عن عقبة بن عامر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاه غنما يقسمها على أصحابه ضحايا ، فبقي عتود ، فذكره لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ضح به أنت .
[ ص: 410 ] فقال قائل : كيف تقبلون هذا والعتود فإنما هو من صغير أولاد المعز ، وقد أجمع المسلمون أنه لا يضحى بمثله ؟ فكان جوابنا له في ذلك : أن ذلك كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم رخصة منه لعقبة بأن جعل ذلك له لا لمن سواه من الناس ، كما جعل لأبي بردة بن نيار أن يضحي بجذع من المعز على أن ذلك له خاصة ، وعلى أن لا يجزئ عن أحد بعده .
وقد ذكرنا حديث أبي بردة هذا فيما تقدم منا في كتابنا هذا .
فقال قائل : فقد روي هذا الحديث عن عقبة بن عامر بخلاف ما في هذا الحديث الذي ذكرته في هذا الباب ، وذكر .
5720 - ما قد حدثنا يونس ، أخبرنا ابن وهب ، حدثنا عمرو بن الحارث ، أن بكير بن الأشج حدثه : أن معاذ بن عبد الله الجهني حدثه ، عن عقبة بن عامر أنه قال : ضحينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بجذاع الضأن .
[ ص: 411 ] فكان جوابنا له في ذلك : أنه قد يحتمل أن يكون ما كان من إخبار عقبة في هذا الحديث لما كانوا ضحوا به مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يريد به ما كانت الجماعة الذين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ سواه ضحوا به مما كان عقبة قسمه عليهم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم اختصه هو بالرخصة فيما أمره أن يضحي به من العتود التي أمره أن يضحي بها ، مع أنا قد اعتبرنا هذا الحديث فوجدناه فاسد الإسناد مقصرا عن عقبة .
5721 - كما حدثنا يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني أسامة بن زيد ، حدثني معاذ بن عبد الله بن حبيب الجهني ، قال : سألت سعيد بن المسيب عن الجذع من الضأن ، فقال : ما كان سنة الجذع من الضأن إلا فيكم ، سأل عقبة بن عامر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجذع من الضأن ، فقال : ضح به .
[ ص: 412 ] فعاد هذا الحديث إلى معاذ بن عبد الله بن حبيب الجهني ، عن سعيد بن المسيب بذكر ما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الضحية بالجذع من الضأن فعاد منقطعا ، وعاد الحديث المتصل عن عقبة الحديث الذي بدأنا بذكره ، وإذا كان الجذع لا يجوز إلا من الضأن خاصة في الأضحية كان إطلاق الأضحية به من غير الضأن ، مما قد دل على الخصوصية بذلك لمن أطلق له .
فإن قال قائل : فهل تجدون حديثا صحيحا في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالضحية من الجذع من الضأن ؟ قيل له : نعم ، قد وجدنا في ذلك حديثا صحيحا ، وهو .
5722 - ما قد حدثنا عمران بن موسى الطائي ، وعبد الله بن محمد بن خشيش البصري ، قالا : حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، حدثنا زهير بن معاوية ، حدثنا أبو الزبير ، عن جابر بن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : لا تذبحوا إلا مسنة [ ص: 413 ] إلا أن تعسر عليكم فاذبحوا مكانها جذعة من الضأن .
فإن قال قائل : فهذا دليل على أنه لا يجوز الأضحية بالجذعة من الضأن إلا عند عدم المسنة ، فمن أين أطلقتم الضحية بها عند وجود المسنة ؟ فكان جوابنا في ذلك :
5723 - أن يونس قد حدثنا ، قال : حدثنا ابن وهب ، أخبرني أنس بن عياض ، عن محمد بن أبي يحيى الأسلمي ، عن أمه ، قال : أخبرتني أم بلال الأسلمية ، عن أبيها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : يجوز الجذع من الضأن ضحية إن كانت له غنم .
[ ص: 414 ] [ ص: 415 ] ففي هذا إباحة الضحية بالجذع من الضأن على كل الأحوال .
وقال قائل : قد روي عن عقبة أن الذي كان أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضحي بها كان جذعا لا ما سواه ، وذكر .
5724 - ما قد حدثنا يحيى بن عثمان ، حدثنا نعيم ، حدثنا ابن المبارك ، أخبرنا هشام - صاحب الدستوائي - ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن بعجة بن عبد الله ، عن عقبة بن عامر ، قال : قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحايا بين أصحابه ، فأصاب عقبة منها جذعة ، فقلت : يا رسول الله أضحي بها ، قال : نعم .
[ ص: 416 ] وكان في هذا الحديث ذكر الجذعة مطلقا من غير ذكر الضأن .
قلنا : هذا حديث لا يتصل بعقبة لأن بعجة بن عبد الله لا لقاء له لعقبة ، فعاد الحديث المتصل عن عقبة إلى ما رواه أبو الخير عنه ، والجذعة التي في هذا الحديث ، وفي حديث أبي الخير : هي من المعز ، وهي على الرخصة من رسول الله صلى الله عليه وسلم بها لعقبة لا على ما سوى ذلك ، وعقبة في ذلك كأبي بردة فيما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص له أن يضحي به مما قد ذكرناه ما لم يرخص فيه لغيره .



