[ ص: 67 ]  8 - باب بيان ما أشكل مما روي عنه صلى الله عليه وسلم في السبب الذي كان فيه نزول قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى  الآية ، وما روي عن علي  في ذلك مما يحيط علما أن عليا  لم يقل ذلك رأيا ولا استنباطا إذ كان مثله لا يقال بالرأي ولا بالاستنباط بهما ، ولا يقال إلا بالتوقيف من النبي عليه السلام 
 67  - حدثنا  إبراهيم بن مرزوق  ، حدثنا  روح بن عبادة  ، حدثنا  عوف الأعرابي  ، عن  ابن سيرين  ، عن {  أبي هريرة  في هذه الآية : لا تكونوا كالذين آذوا موسى  الآية ، قال رسول الله عليه السلام : إن موسى  عليه السلام كان رجلا حييا ستيرا ، لا يكاد أن يرى من جلده شيء استحياء منه ، فآذاه من آذاه من بني إسرائيل  ، وقالوا ما يستتر هذا التستر إلا من عيب بجلده ، إما برص ، وإما أدرة   } - هكذا قال لنا إبراهيم  في حديثه ، وأهل اللغة يخالفونه في ذلك ويقولون : إنها أدرة ؛ لأنها آدر بمعنى آدم ، فمنها بالإضافة  [ ص: 68 ] إليها أدرة ، وإما آفة ، وإن الله تعالى أراد أن يبرئه مما قالوا ، وإن موسى  خلا يوما وحده ، فوضع ثوبه على حجر ، ثم اغتسل ، فلما فرغ من غسله أقبل إلى ثوبه ليأخذه ، وإن الحجر عدا بثوبه فأخذ موسى  عصاه وطلب الحجر ، وجعل يقول : ثوبي حجر ، ثوبي حجر ، إلى أن انتهى إلى ملأ بني إسرائيل  فرأوه عريانا كأحسن الرجال خلقا ، فبرأه الله مما قالوا ، وإن الحجر قام ، فأخذ ثوبه فلبسه فطفق بالحجر ضربا ، قال : فوالله إن في الحجر لندبا من أثر ضربه ثلاثا أو أربعا أو خمسا ، فهذا ما روي في هذا المعنى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . 
وأما ما قد روي عن علي  في ذلك مما نحيط علما أنه لم يقله إلا بأخذه إياه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لأن فيه إخباره أن الله تعالى عنى ما ذكره فيه ، وذلك شهادة منه على الله به ، ولا يسعه ذلك إلا بأخذه إياه من حيث ذكرنا . 
كما حدثنا  إبراهيم بن أبي داود  ، حدثنا  سعيد بن سليمان الواسطي  ، عن  عباد بن العوام  ، عن  سفيان بن حسين  ، عن  الحكم  ، عن  سعيد بن جبير  ، عن  ابن عباس  ، عن  علي   : لا تكونوا كالذين آذوا موسى  ، قال : صعد موسى  وهارون  الجبل فمات هارون  ، فقال بنو إسرائيل   : أنت قتلته كان ألين  [ ص: 69 ] لنا منك ، وأشد حياء فآذوه في ذلك ، فأمر الله تعالى الملائكة فحملته ، وتكلمت بموته حتى عرفت بنو إسرائيل  أنه قد مات فدفنوه ، فلم يعرف موضع قبره إلا الرخم ، فإن الله جعله أبكم أصم   . 
قال  أبو جعفر   : وكان من لا علم عنده ممن وقف على هذين الحديثين ، يرى أنهما متضادان ، وحاشا لله أن يكونا كذلك ؛ لأنه قد يجوز أن تكون بنو إسرائيل  آذت موسى  ، مما ذكر مما كان مما آذته به في كل واحد من الحديثين ، حتى برأه الله من ذلك بما برأه به من ذلك ، مما هو مذكور [ في ] هذين الحديثين . 

 
				
 
						 
						

 
					 
					