[ ص: 39 ]  83 - باب بيان مشكل احتمال السبب الذي نزلت فيه ليس لك من الأمر شيء  
 567  - حدثنا  بكار  ، حدثنا حسين بن مهدي  ، حدثنا  عبد الرزاق  ، أخبرنا  معمر  ، عن  الزهري  ، عن  سالم  ، عن  أبيه  أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح حين رفع رأسه من الركوع قال : ربنا ولك الحمد ، في الركعة الآخرة ، ثم قال : اللهم العن فلانا وفلانا ، يدعو على ناس من المنافقين ، قال فأنزل الله : ليس لك من الأمر شيء   الآية . 
 568  - حدثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم  ، حدثنا  [ ص: 40 ] جدي  سعيد  ، حدثني  يحيى بن أيوب  ، حدثني  محمد بن عجلان  ، عن  نافع  ، عن  ابن عمر  قال : كان رسول الله عليه السلام يدعو على رجال من المشركين يسميهم بأسمائهم حتى أنزل الله عليه : ليس لك من الأمر شيء   الآية . 
 569  - حدثنا  ابن أبي داود  ، حدثنا  محمد بن أبي بكر المقدمي  ، حدثنا سلمة بن رجاء  ، حدثنا  محمد بن إسحاق  ، عن عبد الرحمن بن الحارث  ، عن عبد الله بن كعب  ، عن  أبي بكر بن عبد الرحمن  قال : كان النبي عليه السلام إذا رفع رأسه من الركعة الآخرة قال : اللهم نج الوليد بن الوليد  ، وسلمة بن هشام  ، وعياش بن أبي ربيعة  ، والمستضعفين من المؤمنين ، اللهم اشدد وطأتك على مضر  واجعلها عليهم سنين كسني يوسف  ، اللهم العن لحيان  ورعلا  وذكوان  وعصية  عصت الله ورسوله ، فأنزل الله :  [ ص: 41 ] ليس لك من الأمر شيء  قال : فما دعا رسول الله عليه السلام بدعاء على أحد   . 
 570  - حدثنا محمد بن خزيمة  ، حدثنا  حجاج بن منهال  ، حدثنا  حماد بن سلمة  ،  [ ص: 42 ] وحدثنا عبد الله بن محمد بن خشيش البصري أبو الحسن  ، حدثنا  القعنبي  ، حدثنا  حماد بن سلمة  ، ثم اجتمعا فقالا : عن  ثابت  ، عن  أنس   : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته يوم أحد وشج ، فجعل يسلت الدم عن وجهه ويقول : كيف يفلح قوم شجوا وجه نبيهم وكسروا رباعيته وهو يدعوهم ، فأنزل الله : ليس لك من الأمر شيء    . 
 571  - حدثنا أبو شريح محمد بن زكريا بن يحيى  وابن أبي مريم  قالا : حدثنا  الفريابي  ، حدثنا  أبو بكر بن عياش  ، عن  حميد  ، عن  أنس  قال : لما كان يوم أحد كسرت رباعيته وشج في وجهه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يمسح الدم عن وجهه : كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم بالدم ، وهو يدعوهم إلى ربهم ؟ فأنزل الله : ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون    . 
 [ ص: 43 ] فتأملنا هذه الآثار وكشفناها لنقف على الأولى منها بما نزلت فيه هذه الآية من المعنيين المذكورين فيها ، فاحتمل أن يكون نزولها في وقت واحد يراد بها السببان المذكوران في هذه الآثار ، فوجدنا ذلك بعيدا في القلوب ؛ لأن غزوة أحد كانت في سنة ثلاث ، وفتح مكة كان في سنة ثمان ، ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم كان لمن دعا له في صلاته قبل فتح مكة ، فبعيد في القلوب أن يكون السببان اللذان قيل : إن هذه الآية نزلت في كل واحد منهما كان نزولها فيهما جميعا . 
واحتمل أن يكون نزولها كان مرتين ، مرة في السبب الذي ذكر  عبد الله بن عمر  وعبد الرحمن بن أبي بكر   : أن نزولها كان فيه ، ومرة في السبب الذي ذكر أنس  أن نزولها فيه ، فدخل على ذلك ما نفاه ؛ لأنه لو كان ذلك كذلك لكانت موجودة في القرآن في موضعين كما وجدت : يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم  الآية في موضعين ، أحدهما : في سورة براءة ( 73 ) والآخر : في سورة التحريم ( 9 ) ، ولما لم يكن ذلك كذلك في الآية المتلوة في هذه الآثار ، بطل هذا الاحتمال أيضا . 
واحتمل أن يكون نزلت قرآنا لواحد من السببين المذكورين في هذه الآثار ، والله أعلم بذلك السبب أيهما هو ؟ ثم أنزلت بعد ذلك للسبب الآخر لا على أنها قرآن لاحق لما نزل فيه من القرآن ، ولكن على  [ ص: 44 ] إعلام الله تعالى نبيه عليه السلام بها أنه ليس له من الأمر شيء ، وأن الأمور إلى الله تعالى وحده ، يتوب على من يشاء ويعذب من يشاء ، ولم نجد من الاحتمالات لما في هذه الآثار أحسن من هذا الاحتمال ، فهو أولاها عندنا بما قيل في احتمال نزول الآية المتلوة فيها بها ، والله نسأله التوفيق . 

 
				
 
						 
						

 
					 
					