[ ص: 184 ]  819 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يعذب به الناس في قبورهم 
 5190  - أخبرنا  أحمد بن شعيب  ، قال : أخبرنا  هناد بن السري  ، عن  وكيع  ، عن  الأعمش  ، قال : سمعت  مجاهدا  يحدث عن  طاوس  ، عن  ابن عباس  ، قال : مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قبرين ، فقال : إنهما يعذبان ، وما يعذبان في كبير ، أما هذا : فكان لا يستبرئ من بوله ، وأما هذا : فكان يمشي بالنميمة " . ثم دعا بعسيب رطب ، فشقه باثنين ، فغرس على هذا واحدا ، وعلى هذا واحدا ، ثم قال : " لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا   . 
 [ ص: 185 ] فقال قائل : وكيف قصد في هذا إلى البول دون ما سواه من النجاسات ؟ 
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله - عز وجل - وعونه : أن البول لا يظهر على الأبدان ولا على الثياب منه ، ما يظهر من سائر النجاسات سواه من الغائط والدم والقيح ، وما أشبه ذلك ; لأن هذه الأشياء يتحاماها الناس لتقذرهم إياها ، والبول فليس كذلك ; لأنه لا لون له يتحامى من أجله ، فيحتمل أن يكون قصد إليه لاستخفاف الناس به ، وتهاونهم بالتنظيف منه ما لا يتهاونون به من التنظيف مما سواه مما يتريبون به الناس حتى لا يتحاموا مجالسهم ولا قربهم ، فقصد إلى البول بذلك دون ما سواه . 
 [ ص: 186 ] وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - : " وأما أحدهما فكان لا يستتر من بوله " ، فوجه ذلك عندنا - والله أعلم - : أن الاستتار هو التوقي ، ومنه دعاء بعضهم لبعض : سترك الله من النار ، أي : وقاك الله من النار . 
ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " اتقوا النار ولو بشق التمرة  " ، أي : استتروا من النار ، ولو بشق التمرة . 
فمثل ذلك : " كان لا يستتر من بوله " ، أي : لا يتوقى من بوله . 
 5191  - وقد حدثنا  بكار بن قتيبة  ، قال : حدثنا  أبو داود  ، قال : حدثنا الأسود بن شيبان  ، قال : حدثنا بحر بن مرار  ، قال : حدث  أبو بكرة  ، قال : كنت أمشي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا ورجل آخر إذ مر بقبرين ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن صاحبي هذين القبرين ليعذبان ، ومن يأتيني بجريدة من هذا النخل . فاستبقت أنا والرجل فسبقته ، فكسرت منها جريدة ، فأتيت بها النبي - صلى الله عليه وسلم - فشقها من أعلاها بنصفين ، فوضع على كل واحد من القبرين نصفها ، وقال : " إنه يهون عليهما ما دام فيهما من رطوبتهما شيء ، إنهما ليعذبان في الغيبة والبول   . 
 [ ص: 187 ] والله - عز وجل - أعلم بمراد رسوله - صلى الله عليه وسلم - كان في ذلك ، وإياه نسأل التوفيق . 

 
				
 
						 
						

 
					 
					