[ ص: 84 ]  555 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الستة الذين لعنهم ، وأدخل فيهم المتسلط بالجبروت 
 3460  - حدثنا  يونس بن عبد الأعلى  ، قال : حدثنا  عبد الله بن وهب  ، قال : وأخبرني عبد الرحمن بن أبي الموالي  ، عن عبيد الله بن موهب  ، قال : كتب عمر بن عبد العزيز  إلى أبي بكر بن حزم  وهو أمير المدينة  يومئذ : أن اكتب إلي من حديث  عمرة ابنة عبد الرحمن  ، وكانت في حجر  عائشة  أم المؤمنين . 
قال ابن موهب   : فأرسلني أبو بكر بن حزم  إلى  عمرة ابنة عبد الرحمن  ، وكان فيما أملت علي قالت : حدثتني  عائشة  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ستة ألعنهم ، لعنهم الله ، وكل نبي مجاب : الزائد في كتاب الله عز وجل ، والمكذب بقدر الله عز وجل ، والمتسلط بالجبروت يذل به من أعز الله عز وجل ويعز به من أذل الله عز وجل ، والتارك لسنتي ، والمستحل لحرم الله عز وجل ، والمستحل من عترتي ما حرم الله عز وجل   . 
 [ ص: 85 ] 
 3461  - حدثنا  إبراهيم بن أبي داود  ، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم  ، قال : حدثنا  إسحاق بن محمد الفروي  ، قال : حدثنا ابن أبي الموال  ، عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب  ، عن  أبي بكر بن محمد  ، عن  عمرة ابنة عبد الرحمن  ، عن  عائشة  رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، أنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ، ثم ذكر مثله . 
 [ ص: 86 ] قال  أبو جعفر   : فكان في حديث يونس  عن ابن وهب  سماع ابن موهب  هذا الحديث من  عمرة  ، وفي حديث  ابن أبي داود  عن الفروي  سماعه إياه من أبي بكر بن محمد  عن  عمرة  ، وكان حديث يونس  أولاهما عندنا ; لأن فيه ذكر إملاء  عمرة  إياه عليه في مجيئه إليها برسالة أبي بكر  إياه إليها في ذلك . 
 3462  - وحدثنا عبد الملك بن مروان الرقي  ، قال : حدثنا  محمد بن يوسف الفريابي  ، عن  سفيان  ، عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب  قال : سمعت  علي بن الحسين  يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ستة لعنتهم . ثم ذكر الستة المذكورين في الحديثين الأولين . 
 [ ص: 87 ] قال  أبو جعفر   : فكان في هذا الحديث أخذ ابن موهب  إياه عن علي بن الحسين  لا عن  عمرة  ولا عن غيرها ، وكان  الثوري  هو الحجة في ذلك ، والأولى أن تقبل روايته فيه عن ابن موهب  لسنه وضبطه وحفظه ، غير أن ابن أبي الموال  ذكر القصة التي ذكرها فيه من بعثة أبي بكر بن حزم  إياه إلى  عمرة  في ذلك ، وإملاء  عمرة  إياه عليه عن  عائشة  ، فقوي في القلوب لذلك ، واحتمل أن يكون ابن موهب  أخذه عن  عمرة  على ما حدث به عنها ، وأخذه مع ذلك عن علي بن الحسين  على ما حدث به عنه مما قد ذكره عنه  الثوري  ، والله عز وجل أعلم بحقيقة الأمر في ذلك . 
ثم تأملنا متن هذا الحديث ، فكان الذي فيه من ذكر الجبروت اشتقاق ذلك من الجبرية ، كما اشتقوا الملكوت من الملك ، وكان الذي فيه من استحلال حرم الله عز وجل هو أن يجعل كما سواه مما لم يحرمه من بلاده ; إذ كان قد أبانه بتحريمه إياه من سائر بلاده سواه من منع عباده من دخوله إلا محرمين إما بالحج ، وإما بالعمرة ، ومن تحريم صيده ، ومن أمانه من دخله بقوله عز وجل : ومن دخله كان آمنا  ، وبتحريمه عضاهه الحرمة التي لم يجعلها كعضاه غيره ، ومن منعه القتال فيه من لا يجب قتاله ; لأنه قد أعلمنا عز وجل على لسان رسوله أن مكة  لا تغزى بعد العام الذي غزاه ،  [ ص: 88 ] وأنه لا يقتل قرشي بعد عامه ذلك صبرا ; أي : لا يكفر أهلها بعد ذلك العام فيغزون كما غزوا في ذلك العام ، ولا يكفر قرشي بعد ذلك العام الكفر الذي أباح دماء أهلها القرشيين  في ذلك العام ، فمن أنزل الحرم بخلاف تلك المنزلة كان به ملعونا . 
وكان قوله : والمستحل من عترتي ما حرم الله عز وجل . وعترته : هم أهل بيته الذين على دينه ، وعلى التمسك بأمره ، كمثل ما قد ذكرناه فيما تقدم منا في كتابنا هذا مما كان منه صلى الله عليه وسلم بغدير خم  من قوله للناس : إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله عز وجل ، وعترتي   . ومما روي عنه في ذلك مما لم يكن ذكرناه هناك . 
 3463  - ما قد حدثنا فهد بن سليمان  قال : حدثنا  أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي  ، قال : ثنا  إسرائيل بن يونس  ، عن عثمان بن المغيرة  ، عن  علي بن ربيعة الأسدي  ، قال : لقيت  زيد بن الأرقم  وهو داخل على المختار  أو خارج ، فقلت : ما حديث بلغني عنك : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي ؟ قال : نعم   . 
 [ ص: 89 ] 
 3464  - وما قد حدثنا  ابن أبي داود  ، قال : حدثنا  محمد بن عبد الله بن نمير الهمداني  ، قال : حدثنا  محمد بن فضيل بن غزوان  ، قال : حدثنا أبو حيان يحيى بن سعيد بن حيان التيمي  ، عن يزيد بن حيان  ، قال : انطلقت أنا وحصين بن عقبة  إلى  زيد بن أرقم  ، فقال له حصين   : لقد أكرمك الله يا زيد  ، رأيت خيرا كثيرا ، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وغزوت معه ، وسمعت منه ، لقد أصبت خيرا كثيرا يا زيد  ، فحدثنا بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال زيد   : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء يدعى خم بين مكة  والمدينة  ، فحمد الله عز وجل وأثنى عليه ، وذكر ، ثم قال : أما بعد ، يا أيها الناس ، إني إنما أنتظر أن يأتيني رسول من ربي عز وجل فأجيب ، وإني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله عز وجل ، فيه الهدى والنور ، فاستمسكوا بكتاب الله عز وجل ، وخذوا به . فرغب في كتاب الله عز وجل وحث عليه ، ثم قال : وأهل بيتي ، أذكركم الله عز وجل في أهل بيتي   . 
 [ ص: 90 ] قال  أبو جعفر   : وطلبنا من روى عن يزيد بن حيان  سوى أبي حيان التيمي   ; ليكون قد حدث عنه سوى أبي حيان  من هو كأبي حيان  في العدل ، فيكون قد حدث عنه عدلان ، فوجدنا  الأعمش  قد روى عنه . 
كما حدثنا علي بن شيبة  ، قال : حدثنا  أبو نعيم  ، قال : حدثنا  الأعمش  ، عن يزيد بن حيان  ، قال : كان عنبس بن عقبة  يسجد حتى إن العصافير يقعن على ظهره وينزلن ما يحسبنه إلا جذم حائط   . 
 [ ص: 91 ] 
وما قد حدثنا فهد  ، قال : حدثنا  أبو نعيم   . فذكر بإسناده مثله . 
قال  أبو جعفر   : فاجتمع في الرواية عنه  الأعمش  وأبو حيان   . 
فمن أخرج عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليهم من المكان الذي جعلهم الله به على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم مما قد ذكرناه في هذه الآثار ، فجعلهم كسواهم ممن ليس من أهل عترته كان ملعونا ; إذ كان قد خالف رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما فعل من ذلك ، وسائر ما في هذا الحديث سوى ذلك مكشوف المعاني يعلم سامعوه ما أريد به علما يغنينا عن التفسير له ، والله عز وجل نسأله التوفيق . 
 [ ص: 92 ] 

 
				
 
						 
						

 
					 
					