[ ص: 294 ]  52 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من نهيه عن تقليد الخيل الأوتار 
 323  - حدثنا  محمد بن علي بن داود البغدادي  ، حدثنا  حبان بن موسى  ، أخبرنا  عبد الله يعني : ابن المبارك  ، أخبرني عتبة بن أبي حكيم  ، حدثني الحصين بن حرملة  ، عن أبي مصبح  ، عن  جابر بن عبد الله  قال : قال رسول الله عليه السلام : { الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ، وأهلها معانون عليها ، وامسحوا نواصيها ، وادعوا لها بالبركة ، وقلدوها ولا تقلدوها الأوتار   } . 
وهذا - أعني قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ولا تقلدوها الأوتار " - مما تكلم الناس في مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم به . 
فكان مما قالوه في ذلك مما أجازه لنا علي بن عبد العزيز  ، عن أبي عبيد  كأنه يحكيه عن قائل سواه قال : الأوتار ، هاهنا الذحول ، يقول : لا تطلبوا عليها الذحول التي وترتم بها في الجاهلية . 
 [ ص: 295 ] قال أبو عبيد   : وغير هذا أشبه عندي بالصواب . سمعت محمد بن الحسن  يقول : معناه الأوتار ، وكانوا يقلدونها إياها فتخنق بها ، قال : ومما يصدق ذلك حديث هشيم  ، عن أبي بشر  ، عن سليمان اليشكري  ، عن جابر   : { أن النبي عليه السلام أمر بقطع الأوتار من أعناق الخيل  } . 
قال أبو عبيد   : وبلغني عن مالك  أنه قال : إنما كان ذلك يفعل بها مخافة العين عليها ، حدثني به عنه أبو المنذر الواسطي إسماعيل بن عمر  ، فأمرهم النبي عليه السلام بقطعها ؛ لأنها لا ترد من قدر الله عز وجل شيئا . 
قال أبو عبيد   : وهذا يشبه ما كانوا يفعلونه بالتمائم . 
قال  أبو جعفر   : فأما ما حكاه أبو عبيد  ، عن أبي المنذر  ، عن مالك  في تأويل هذا الحديث ، فإنما أخذه فيما نرى ، والله أعلم من حديثه الذي : 
 324  - حدثناه  يونس  ، أخبرنا  ابن وهب   : أن  مالكا  حدثه عن  عبد الله بن أبي بكر  ، عن عباد بن تميم   : أن { أبا بشير الأنصاري  أخبره : أنه كان مع رسول الله عليه السلام في بعض أسفاره قال : فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولا ، قال  [ ص: 296 ] عبد الله بن أبي بكر  ، حسبت أنه قال : والناس في مبيتهم ألا لا تبقين في رقبة بعير قلادة ولا وتر إلا قطعت   } . 
قال مالك   : أرى ذلك من العين . 
 325  - حدثناه  إبراهيم بن مرزوق  ، حدثنا  عثمان بن عمر بن فارس  ، عن  مالك  ، عن  عبد الله  ، عن عباد  ، عن أبي بشير   : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره بعث رجلا وقال : لا تدع قلادة وتر ، ولا قلادة في عنق ، يعني إلا قطعته   } . 
قال  أبو جعفر   : فتأملنا حديث جابر  الذي ذكرناه في أول هذا الباب ، فوجدنا فيه أمر النبي عليه السلام بتقليد الخيل بقوله : وقلدوها ، فكان ذلك معقولا أنه أراد التقليد الذي يفعله الناس ، وهو تقليد الخيل في أعناقها ، ثم أتبع ذلك بقوله ، ولا تقلدوها الأوتار ، فانتفى بذلك أن يكون أراد الترات ، وثبت به أن ما يقلده في أعناقها مما أمر بتقليدها إياه ، هو ما لا يخاف عليها منه ، كما يخاف عليها من الأوتار إذا قلد بها ، فبان بذلك صحة ما قال محمد بن الحسن  في تأويله هذا المعنى ، والله نسأله التوفيق . 

 
				
 
						 
						

 
					 
					