[ ص: 411 ]  466 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صوم يوم عرفة من حض عليه ومن نهي عنه 
 2964  - حدثنا سليمان بن شعيب الكيساني  ، قال : حدثنا  بشر بن بكر  ، وحدثنا فهد بن سليمان  ، ومحمد بن أحمد بن الحوار  ، قالا : حدثنا  أبو نعيم  ، ( ح ) وحدثنا بكر بن إدريس  ، وصالح بن عبد الرحمن  ، قالا : حدثنا  أبو عبد الرحمن المقرئ  قالوا : حدثنا  موسى بن علي  ، عن  أبيه  ، عن  عقبة بن عامر   - وقال بكر  وصالح  في حديثهما - قال : سمعت  أبي  يحدث ، عن  عقبة  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن أيام الأضحى ، وأيام التشريق ويوم عرفة عيدنا أهل الإسلام ، أيام أكل وشرب   . 
فكان في هذا الحديث إدخال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة في أيام أعياد المسلمين ، وإعلامه إياهم أنه يوم طعم وشرب كما أعلمهم في بقيتها أنها أيام طعم وشرب . 
 [ ص: 412 ] فتأملنا ذلك فوجدنا سائر الأيام المذكورة في هذا الحديث سوى يوم عرفة مخصوصة بمعنى يتقرب إلى الله - عز وجل - به فيها من صلاة ، ومن نحر ، ومن تكبير يعقب الصلوات الفرائض اللاتي يصلى فيها ، فكانت بذلك أعيادا للمسلمين ، ولم يجز صومها لذلك . 
ووجدنا يوم عرفة فيه أيضا سبب مما يتقرب به إلى الله عز وجل ليس في غيره من الأيام ، وهو الوقوف بعرفة للحج ، وكان ذلك مما ليس في سائر البلدان سوى عرفة ، وكان ما خصت به الأيام المذكورة في حديث عقبة  سواه يستوي حكمها في البلدان كلها ، فعقلنا بذلك أنها أعياد في البلدان كلها ، فلم يصلح صومها في شيء منها ، وكان يوم عرفة عيدا في موضع خاص دونما سواه من المواضع ، فلم يصلح صومه هنالك ، وصلح صومه فيما سواه من المواضع ، وشد ذلك ما قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من قصده بالنهي عن صومه إلى عرفة . 
 2965  - كما حدثنا  بكار بن قتيبة  ، قال : حدثنا  أبو داود   . 
 2966  - وكما قد حدثنا  إبراهيم بن أبي داود  ، ومحمد بن إدريس المكي  ، قال : حدثنا  سليمان بن حرب  ، قالا : حدثنا حوشب بن عقيل  ، عن مهدي الهجري  ، عن  عكرمة  قال : كنا مع  أبي هريرة  في بيته ، فحدثنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يوم عرفة بعرفة    . 
 [ ص: 413 ] فكان هذا شادا لما ذكرنا ، ولما كان يوم عرفة ليس بعيد فيما سوى عرفة  ، كان صومه فيما سوى عرفة  طلقا ، وكان من صامه فيما سوى عرفة  ممن قد دخل فيمن وعده رسول الله صلى الله عليه وسلم بالثواب على صومه المذكور في حديث أبي قتادة   . 
 2967  - الذي حدثناه  بكار بن قتيبة  ، قال : حدثنا  روح  ، قال : حدثنا  شعبة  ، قال : سمعت  غيلان بن جرير  ، يحدث عن  عبد الله بن معبد  ، عن  أبي قتادة الأنصاري  رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة ، فقال : يكفر السنة الماضية ، والباقية   . 
 2968  - والذي حدثناه  إبراهيم بن مرزوق  ، قال : حدثنا  وهب بن جرير  ، قال : حدثنا  أبي  ، قال : سمعت  غيلان بن جرير  يحدث ، عن  عبد الله بن معبد الزماني  ، عن  أبي قتادة  رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لأحتسب على الله عز وجل في صيام يوم عرفة أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده   . 
 [ ص: 414 ] فإن قال قائل : فقد رأينا من صام يوم عرفة بعرفة  عن واجب عليه أجزأه صومه منه ، ولم يكن كمن صام يوما من تلك الأيام الأخر عن واجب عليه لا يجزئه صومه منه ، فكيف افترقت أحكامها وهي مجموعة بمعنى واحد في حديث واحد ؟ 
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أن الأشياء قد تجمع في شيء واحد ، وأحكامها في أنفسها مختلفة ، من ذلك قول الله : فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج  ، فجمع الله عز وجل هذه الأشياء في آية واحدة ، ونهى عنها نهيا واحدا ، وكانت مختلفة في أحكام ما نهى عنها فيه ؛ لأن الرفث هو الجماع ، وهو يفسد الحج ، وما سوى الرفث من الفسوق والجدال لا يفسد الحج ، فمثل ذلك ما جمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنهي عن صومه من الأيام المذكورة في حديث عقبة  جميعها بنهي واحد ، وخالف بين أحكامها فيما قد ذكرت ، والله عز وجل نسأله التوفيق . 

 
				
 
						 
						

 
					 
					