[ ص: 223 ]  42 - باب بيان مشكل ما قرأه رسول الله عليه السلام من قوله تعالى : والأرحام  في أول سورة النساء هل كان بالنصب أو الجر ؟ 
 243  - حدثنا  بكار  ، حدثنا  أبو الوليد الطيالسي  ، حدثنا  شعبة  ، حدثني  عون بن أبي جحيفة  قال : سمعت منذر بن جرير بن عبد الله  يحدث عن  أبيه  قال : { كنا عند النبي عليه السلام في صدر النهار فجاءه قوم حفاة عراة ، مجتابي النمار ، متقلدي السيوف ، وعامتهم من مضر  ، بل كلهم من مضر  ، قال : فرأيت وجه النبي عليه السلام يتغير لما رأى بهم من الفاقة ، ثم دخل بيته ، ثم خرج فأمر بلالا  فأذن وأقام فصلى الظهر ، ثم قال أو خطب : يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة   [ ص: 224 ] إلى آخر الآية ولتنظر نفس ما قدمت لغد  ، تصدق رجل من ديناره ، من درهمه ، من ثوبه ، من صاع بره ، من صاع تمره ، حتى قال : من شق التمرة . قال : فجاء رجل من الأنصار بصرة قد كادت كفه تعجز عنها ، بل قد عجزت عنها ، ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب ، ورأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مدهنة ، ثم قال : من سن في الإسلام سنة حسنة ، كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده لا ينقص من أجورهم شيء ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة ، كان عليه وزره ووزر من عمل بها من بعده لا ينقص من أوزارهم شيء   } . 
 244  - حدثنا  إبراهيم بن أبي داود  ، حدثنا  سهل بن بكار  ، حدثنا  [ ص: 225 ]  أبو عوانة  ، حدثنا  رقبة بن مصقلة العبدي  ، عن  عون بن أبي جحيفة  ، عن المنذر بن جرير  ، عن  جرير بن عبد الله  قال : كنت جالسا عند رسول الله عليه السلام ، ثم ذكر مثله ، إلا أنه قال فيه ، ثم قال : { لبلال  عجل الصلاة   } . 
 245  - حدثنا  علي بن معبد  ، حدثنا إسماعيل بن عمر الواسطي  ، حدثنا  المسعودي  ، عن  عبد الملك بن عمير  ، عن ابن جرير  ، عن  أبيه  قال : { قدم ناس على النبي صلى الله عليه وسلم من مضر  ، متقلدي السيوف ، مجتابي النمار - قال المسعودي   : النمار الصوف - بهم ضر شديد ، وحاجة شديدة ، فقام النبي عليه السلام فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال : واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا  تصدقوا قبل أن لا تصدقوا ، ليتصدق الرجل من ديناره ، وليتصدق الرجل من درهمه ، وليتصدق الرجل من بره ، وليتصدق الرجل من شعيره ، وليتصدق الرجل من تمره . قال : فجاء رجل بصدقة لها مز ، فوضعها في يده ، فسره ذلك وأعجبه ، ثم تسارع الناس بعد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سن سنة حسنة فعمل بها بعده ، كان له مثل أجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيء ، ومن سن سنة سيئة فعمل بها بعده كان عليه مثل وزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيء   } . 
 [ ص: 226 ] قال  أبو جعفر   : فكان في هذه الروايات قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس : واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا  عند حضه إياهم على صلة أرحامهم ، لما رأى من أهلها من الجهد والضر والحاجة ، فكان ذلك دليلا أنه قرأها بالنصب بمعنى اتقوا الأرحام أن تقطعوها ، وكان ما حملها عليه من قرأها بالجر على تساؤلهم كان بينهم بالله تعالى والأرحام ، ولم تكن تلاوة رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها على من تلاها عليه على التساؤل ، وإنما كان على الحض على التواصل وترك قطيعة الأرحام ، وفي ذلك ما قد دل على أنه قرأها بالنصب لا بالجر . 
وكذلك روي عن  ابن عباس  أنه كان يقرؤها كذلك . 
كما حدثنا  يحيى بن عثمان  ، حدثنا  يوسف بن عدي الكوفي  ، حدثنا عثام بن علي  ، عن  الأعمش  قال : سمعت  مجاهدا  يقول : كان  ابن عباس  يقرأ هذه الآية : الذي تساءلون به والأرحام  منصوبة ، يقول " اتقوا الله والأرحام .  ، 
وقد قرأها كذلك أكثر القراء . كما قد حدثنا ابن أبي عمران أحمد أبو جعفر  ، حدثنا  خلف بن هشام  قال : قرأ  عاصم   : " والأرحام " نصب ،  ونافع  كمثل ،  وأبو عمرو  كمثل   . 
وكما حدثنا أحمد  ، حدثنا  خلف  عن  الخفاف  ، عن  سعيد  ، عن  قتادة  ، عن  الحسن   : والأرحام " بالنصب يقول : والأرحام لا تقطعوها . 
 [ ص: 227 ] وكذلك قال  الكلبي  ، قال  خلف   : وهي القراءة  . 
وسمعت ابن أبي عمران  يقول : سمعت  خلفا  يقول : أخذت قراءة  عاصم  عن  يحيى بن آدم  ، عن  أبي بكر بن عياش  عنه . 
قال  أبو جعفر   : وأخذنا نحن بعد ذلك قراءة عاصم  سماعا ، من روح بن الفرج  ، حدثنا بها حرفا حرفا ، عن يحيى بن سليمان الجعفي  ، عن  أبي بكر بن عياش  نفسه ، عن  عاصم   . 

 
				
 
						 
						

 
					 
					