[ ص: 48 ]  157 - باب بيان مشكل جواب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للذي قال له : يا خير البرية ! بقوله : ذاك إبراهيم   - صلى الله عليه وسلم - 
 1014  - حدثنا  بكار بن قتيبة  قال : حدثنا  أبو أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي الكوفي  قال : حدثنا  سفيان  ، عن  المختار بن فلفل  قال : سمعت  أنسا  يقول : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا خير البرية ! فقال : ذاك أبي إبراهيم   - صلى الله عليه وسلم   - . 
 1015  - حدثنا  إبراهيم بن مرزوق  وإبراهيم بن محمد بن يونس  [ ص: 49 ] البصريان  جميعا ، حدثنا  أبو حذيفة  قال : حدثنا  سفيان  ثم ذكر بإسناده مثله . 
 1016  - حدثنا محمد بن خزيمة  قال : حدثنا  مسدد بن مسرهد  قال : حدثنا  يحيى بن سعيد  ، عن  سفيان  ثم ذكر بإسناده مثله . 
 1017  - حدثنا  إبراهيم بن مرزوق  قال : حدثنا  عفان بن مسلم  قال : حدثنا  عبد الواحد بن زياد  ، عن  المختار بن فلفل  ، عن  أنس  ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ مثله . 
قال  أبو جعفر   : فكان ما في هذا الحديث محتملا عندنا - والله أعلم - أن يكون كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا القول قبل أن يتخذه الله خليلا ، ولم يكن لله عز وجل خليلا حينئذ غير إبراهيم   - صلى الله عليه وسلم - فكان إبراهيم  يفضله حينئذ بالخلة ، وكانت الخلة المحبة التي لا محبة فوقها . 
فلما قال ذلك الرجل له - صلى الله عليه وسلم - : يا خير البرية ! واستحال أن يكون الله عز وجل يختص لمحبته من في عباده من هو فوقه قال له : ذاك أبي إبراهيم   - صلى الله عليه وسلم - . فلما جعله الله له خليلا عاد بالخلة من الله عز وجل إلى المعنى [ الذي ] كان إبراهيم  استحق به في الحديث الذي روينا ما ذكر استحقاقه فيه . 
ثم صار النبي - صلى الله عليه وسلم - لله عز وجل خليلا كما كان إبراهيم  خليلا له ، فصارا جميعا متساويين في الخلة منه . واختص الله عز وجل نبيه دون إبراهيم  بذكره فيما لا يذكر إبراهيم  فيه في التأذين  [ ص: 50 ] في الصلاة والإقامات بها بأن جعله - صلى الله عليه وسلم - مذكورا فيها بعقب ذكره عز وجل فيها ، فكانت هذه منزلة فضل بها - صلى الله عليه وسلم - على سائر النبيين صلى الله عليهم في الدنيا ، وأعطاه في الآخرة المقام المحمود الذي لم يعطه غيره . 
 1018  - كما حدثنا فهد بن سليمان  قال : حدثنا  يزيد بن عبد ربه الجرجسي  قال : حدثنا  بقية بن الوليد  قال : حدثنا  الزبيدي  ، عن  الزهري  ، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك  ، عن  كعب بن مالك  أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : يحشر الناس يوم القيامة فأكون أنا وأمتي على قل ، فيكسوني ربي عز وجل حلة خضراء . ثم يؤذن لي فأقول ما شاء الله أن أقول ، فذلك المقام المحمود   . 
 1019  - وكما حدثنا صالح بن عبد الرحمن الأنصاري  قال : حدثنا  عمرو بن عثمان   ومحمد بن المصفى الحمصيان  قالا : حدثنا  بقية  ، ثم ذكر بإسناده مثله . 
 1020  - وكما حدثنا  إبراهيم بن مرزوق  قال : حدثنا  مكي بن  [ ص: 51 ] إبراهيم  ، عن داود بن يزيد الأودي  ، عن أبيه  ، عن  أبي هريرة  قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في قول الله عز وجل : عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا   . قال : هو المقام الذي أشفع فيه لأمتي   . 
 1021  - وكما حدثنا  ابن أبي داود  قال : حدثنا  أحمد بن عبد الله بن يونس  قال : حدثنا  أبو بكر بن عياش  ، عن  عاصم  ، عن  زر  ، عن  عبد الله  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن الله عز وجل اتخذ إبراهيم   - صلى الله عليه وسلم - خليلا ، وإن صاحبكم خليل الله . ثم قرأ : عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا    . 
 [ ص: 52 ] قال  أبو جعفر   : فكان ذلك المقام المحمود مما اختصه الله به في الآخرة ، فلم يؤته أحدا سواه من أنبيائه صلى الله عليهم حتى غبطه - صلى الله عليه وسلم - به الأولون والآخرون . 
 1022  - كما حدثنا هارون بن كامل  قال : حدثنا  عبد الله بن صالح  قال : حدثني  الليث بن سعد  قال : حدثني  عبيد الله بن أبي جعفر  قال : سمعت حمزة بن عبد الله  يقول : سمعت  عبد الله بن عمر  يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم . وقال : إن الشمس تدنو حتى يبلغ العرق نصف الأذن . 
فبينا هم كذلك استغاثوا بآدم   - صلى الله عليه وسلم - فيقول : لست صاحب ذاك ، ثم بموسى   - صلى الله عليه وسلم - فيقول ذلك ، ثم بمحمد  صلى الله عليه وعليهم أجمعين ، فيشفع ليقضى بين الخلق . فيمشي حتى يأخذ بحلقة الجنة ، فيومئذ يبعثه الله مقاما محمودا ، يحمده أهل الجمع كلهم .  
 [ ص: 53 ] قال  أبو جعفر   : وكان مما اختصه الله عز وجل به سوى ذلك . 
 1023  - كما حدثنا  المزني  قال : حدثنا  الشافعي  قال : حدثنا  سفيان بن عيينة  ، عن  الزهري  ، عن  سعيد بن المسيب  ، عن  أبي هريرة  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي : جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، ونصرت بالرعب ، وأحلت لي الغنائم ، وأرسلت إلى الأحمر والأبيض ، وأعطيت الشفاعة   . 
قال لنا المزني   : قال  الشافعي   : ثم جلست إلى سفيان  ، فذكر هذا الحديث فقال :  الزهري  عن  أبي سلمة   وسعيد  ، عن  أبي هريرة  ، ثم ذكره . 
 [ ص: 54 ] 
 1024  - وكما حدثنا فهد  قال : حدثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني  قال : حدثنا  محمد بن فضيل بن غزوان  ، عن  أبي مالك الأشجعي  ، عن  ربعي بن حراش  ، عن  حذيفة  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فضلنا على الناس بثلاث : جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة ، وجعلت لنا الأرض كلها مسجدا ، وجعل ترابها لنا طهورا إذا لم نجد الماء . وأوتيت هؤلاء الآيات من كنز تحت العرش : خواتيم سورة البقرة ، لم يعطها أحد قبلي ولا يعطاها أحد بعدي   . 
قال  أبو جعفر   : وفيما ذكرنا من هذا تصديق ما قد رويناه في باب بيان مشكل لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر  خليلا . 
وفيما قد رويناه فيه قول  عبد الله بن مسعود  مما لم يقله إلا توقيفا ؛ لأن مثله لا يقال إلا بالتوقيف ، وأن محمدا   - صلى الله عليه وسلم - أكرم الخلائق على الله عز وجل . 
وفيما ذكرنا من هذا الباب ما قد دل أن قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جوابا للذي قال له : يا خير البرية : ذاك أبي إبراهيم   - صلى الله عليه وسلم - . وما قد رويناه في الباب الذي ذكرناه بعده من قوله : لا تخيروني على موسى   - صلى الله عليه وسلم - ، ومما ذكرناه في الباب الآخر من قوله : لا ينبغي لعبد أن يقول : أنا خير من  [ ص: 55 ] يونس بن متى   . إنما كان ذلك قبل إعطاء الله عز وجل إياه ما ذكرنا من إعطائه إياه في هذا الباب العطايا التي فضله بها على جميع خلقه حتى صار بذلك فاضلا لأولهم ولآخرهم - صلى الله عليه وسلم - والله نسأله التوفيق . 
 1025  - وقد حدثنا  يوسف بن يزيد  قال : حدثنا الحجاج بن إبراهيم  قال : حدثنا  إسماعيل بن جعفر  ، عن  العلاء بن عبد الرحمن  ، عن أبيه  ، عن  أبي هريرة  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : فضلت على الأنبياء بست : أعطيت جوامع الكلام ، ونصرت بالرعب ، وأحلت لي الغنائم ، وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا ، وأرسلت إلى الخلق كافة ، وختم بي النبيون   . 
قال  أبو جعفر   : وفي هذا ذكر تفضيله - صلى الله عليه وسلم - على النبيين وفيهم إبراهيم  صلى الله عليه وعليهم أجمعين . 

 
				
 
						 
						

 
					 
					