[ ص: 357 ]  131 - باب بيان مشكل ما روي عنه عليه السلام من قوله لابن عمر  ولأصحابه لما رجعوا إليه بعد فرارهم من الزحف ، وقولهم له : نحن الفرارون ، قال : بل أنتم العكارون 
 900  - حدثنا  أبو أمية  ، حدثنا  الحسن بن موسى الأشيب  ، حدثنا  زهير بن معاوية  ، حدثنا  يزيد بن أبي زياد  ، عن  عبد الرحمن بن أبي ليلى  ، عن {  ابن عمر  قال : كنت في سرية من سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاض الناس جيضة ، وكنت فيمن جاض ، فقلنا : كيف نصنع وقد فررنا من الزحف وبؤنا بالغضب ، فقلنا : لو دخلنا المدينة  فبتنا بها فقلنا : لو عرضنا أنفسنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن كانت لنا توبة وإلا ذهبنا فأتيناه قبل صلاة الغداة ، فخرج فقال : من القوم ؟ قلنا : نحن الفرارون ، قال : بل أنتم العكارون ، أنا فئتكم ، أو أنا فئة المسلمين ، فأتيناه حتى قبلنا يده   } . 
 [ ص: 358 ] 
 901  - حدثنا  أحمد بن سنان  ، حدثنا الحسن بن عمر بن شقيق  ، حدثنا  جرير بن عبد الحميد  ، عن  يزيد بن أبي زياد  ، عن  ابن أبي ليلى  قال : قال  ابن عمر   ... ثم ذكر هذا الحديث إلا أنه قال فيه : { فحاص الناس حيصة   } مكان ما في حديث أبي أمية   { فجاض الناس جيضة } ، ولم يذكر فيه : فأتيناه فقبلنا يده . 
 902  - حدثنا روح بن الفرج  ، حدثنا  يوسف بن عدي  ، حدثنا  عبد الرحيم بن سليمان  ، عن  يزيد بن أبي زياد  ، عن  عبد الرحمن  قال : حدثني {  عبد الله بن عمر  أنه كان في سرية من سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم فحاص الناس حيصة   ... } ثم ذكر نحو حديث أبي أمية  سواء . 
 [ ص: 359 ] فقال قائل : العكارون عند العرب هم الكرارون ، فكيف جاز في هذا الحديث أن يقال هذا القول للفرارين ؟ 
فكان جوابنا له في ذلك : أن المراد بذلك أنهم لما كروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فئتهم ليرجعوا إلى ما يأمرهم به ولينصرفوا فيما يصرفهم فيه ، كان ذلك كرا منهم إليه وعودا منهم إلى ما كانوا عليه من بذل أنفسهم لقتال عدوهم ، فاستحقوا بذلك أن يكونوا عكارين ، والله أعلم بحقيقة ذلك . 
وفي هذا الحديث مما يجب أن يوقف عليه مما يلحق بالكبائر ، وهو أن بعض الناس قد ذهب إلى أن قوله تعالى : ومن يولهم يومئذ دبره  إنما ذلك في أهل بدر  خاصة دون من سواهم ؛ لأنه لم يكن للمسلمين فئة يومئذ إلا وهي حاضرة ببدر   . 
كما حدثنا عبيد بن رجال  ، حدثنا بكر بن خلف  ، حدثنا  بشر بن المفضل  ، عن  داود بن أبي هند  ، عن  أبي نضرة  ، عن  أبي سعيد  قال : نزلت يوم بدر : ومن يولهم يومئذ دبره    . 
 [ ص: 360 ] وكما حدثنا  أحمد بن شعيب  ، حدثنا  أبو داود يعني الحراني  ، حدثنا  أبو زيد الهروي  ، حدثنا  شعبة  ، عن  داود بن أبي هند  ، عن  أبي نضرة  ، عن  أبي سعيد   { ومن يولهم يومئذ دبره  قال : نزلت في أهل بدر    . 
وليس فيما روينا عن أبي سعيد  أن هذه الآية نزلت يوم بدر أو في أهل بدر  على أن يكون الحكم الذي فيها في غير أهل بدر  كهو في أهل بدر  ، وعلى أنه بعد بدر كهو يوم كان في بدر ، والدليل على ذلك أن دخول  ابن عمر  في المقاتلة بإدخال رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه فيهم إنما كان عام الخندق وبعد رده إياه قبل ذلك وتركه إدخاله فيهم ، وهذا بعد بدر . 
فدل ذلك أن حكم الفرار من الزحف بغير تحرف إلى قتال أو تحيز إلى فئة باق حكمه إلى يوم القيامة ، وداخل في الكبائر ، والله نسأله التوفيق . 

 
				
 
						 
						

 
					 
					