[ ص: 467 ] 1001 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في نهيه عن بيع الرطب بالتمر .
6161 - حدثنا يونس ، أخبرنا ابن وهب : أن مالك بن أنس ، وأسامة بن زيد أخبراه ، عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان ، أن زيدا أبا عياش أخبره .
أنه سأل سعدا عن السلت بالبيضاء ، فقال سعد : شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن الرطب بالتمر ، فقال : أينقص الرطب إذا جف ؟ فقالوا : نعم . فقال : فلا إذا ، وكرهه .
فأما حديث مالك بن أنس ، عن عبد الله بن يزيد هذا ، فلا [ ص: 468 ] اختلاف عنه فيه أنه كما رويناه عنه .
6162 - وقد حدثنا أيضا المزني ، حدثنا الشافعي ، عن مالك ، عن عبد الله بن يزيد ، مولى الأسود بن سفيان ، أن زيدا أبا عياش أخبره أنه سئل سعد بن أبي وقاص ، ثم ذكر مثله سواء .
[ ص: 469 ]
6163 - وحدثنا يزيد بن سنان ، حدثنا بشر بن عمر الزهراني ، وأبو داود الطيالسي ، وأبو عامر العقدي ، وعثمان بن عمر بن فارس ، وسعيد بن منصور ، ويحيى بن عبد الله بن بكير ، واللفظ لبشر بن عمر قالوا : أخبرنا مالك بن أنس ، عن عبد الله بن يزيد ، عن زيد أبي عياش قال :
سئل سعد بن مالك ، عن البيضاء بالسلت ، فقال : بينهما ، فضل ؟ فقلت : نعم . فقال : فلا إذا ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الرطب - رجع إلى لفظ بشر بن عمر - قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرطب بالتمر ، فقال لمن حوله : أينقص الرطب إذا يبس ؟ قالوا : نعم . فنهى عنه .
6164 - وحدثنا بكار بن قتيبة ، حدثنا أبو المطرف ، وإبراهيم ابنا أبي الوزير قالا : حدثنا مالك ، عن عبد الله بن يزيد ، عن زيد أبي عياش .
عن سعد بن أبي وقاص قال : كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسئل عن الرطب بالتمر ، فسأل من عنده : أينقص الرطب إذا يبس ؟ قالوا : نعم . فنهى عنه .
[ ص: 470 ]
6165 - وحدثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا عثمان بن عمر ، وأبو عامر قالا : حدثنا مالك ، عن عبد الله بن يزيد ، عن أبي عياش .
عن سعد بن أبي وقاص : أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرطب بالتمر ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لمن حوله : أينقص الرطب إذا جف ؟ قالوا : نعم . فنهى عنه .
6166 - وحدثنا صالح بن عبد الرحمن الأنصاري ، حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي ، حدثنا مالك ، عن عبد الله بن يزيد ، عن أبي عياش .
عن سعد بن أبي وقاص قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الرطب بالتمر ، فقال لمن حوله : أينقص إذا يبس؟ قالوا : نعم قال : فلا إذا .
6167 - وحدثنا الحسن بن غليب الأزدي ، حدثنا يوسف بن عدي ، حدثنا عبد الرحيم بن سليمان الرازي ، عن مالك بن أنس ، عن عبد الله بن يزيد ، مولى الأسود بن سفيان قال : حدثنا أبو عياش مولى [ ص: 471 ] سعد بن أبي وقاص .
عن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الرطب بالتمر ، فقال : هل ينقص الرطب إذا يبس ؟ قالوا : نعم . فنهى عنه .
هكذا روى هذا الحديث مالك بن أنس لا اختلاف بين رواته فيه ، ولا زيادة لبعضهم فيه على بعض ، إلا بما في حديث الحسن بن غليب من قوله : مولى سعد بن أبي وقاص ، فإنا لم نجد ذلك في حديث غيره .
وأما أسامة بن زيد ; فقد رواه عنه ابن وهب كما ذكرنا في هذا الباب .
وقد رواه الليث بن سعد عنه ، فخالفه في إسناده .
6168 - كما حدثنا المطلب بن شعيب بن حيان الأزدي ، حدثنا عبد الله بن صالح ، حدثني الليث بن سعد ، حدثني أسامة بن زيد ، وغيره ، عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن .
عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن رطب بتمر ، فقال : أينقص الرطب ؟ فقالوا : نعم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا [ ص: 472 ] يباع الرطب باليابس .
فاختلف الليث بن سعد ، وابن وهب على أسامة في إسناد هذا الحديث .
ثم نظرنا هل روى هذا الحديث عن عبد الله بن يزيد غيرهما . ؟
6169 - فوجدنا إسماعيل بن يحيى المزني قد حدثنا قال : حدثنا الشافعي ، عن سفيان بن عيينة ، عن إسماعيل بن أمية ، عن عبد الله بن يزيد ، عن أبي عياش الزرقي .
عن سعد : أنه سئل عن رجلين تبايعا سلتا بشعير ، فقال سعد : تبايع رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمر ورطب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أينقص الرطب إذا يبس ؟ قالوا : نعم . فنهى عنه .
[ ص: 473 ] هكذا رواه ابن عيينة ، وهذا محال ; لأن أبا عياش الزرقي رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جليل المقدار ، وليس لعبد الله بن يزيد لقاء مثله ، إنما يروي عن أبي سلمة وأمثاله ، وهذا اضطراب شديد ، ولا سيما روى الثوري هذا الحديث عن إسماعيل ، عن عبد الله بن يزيد ، عن رجل لم يسمه ، غير أن أبا حذيفة سماه .
6170 - كما حدثنا فهد قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا سفيان ، عن إسماعيل بن أمية ، عن عبد الله بن يزيد ، مولى عياش [ ص: 474 ] عن سعد بن مالك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكره .
وهذا أيضا مما قد زاد في وهائه ، واضطرابه ; لأن عياشا هذا لا نعرفه .
ثم نظرنا هل رواه عن عبد الله بن يزيد غير من ذكرنا ؟
6171 - فوجدنا إبراهيم بن أبي داود قد حدثنا قال : حدثنا يحيى بن صالح الوحاظي ، حدثنا معاوية بن سلام ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن عبد الله بن يزيد أن زيدا أبا عياش أخبره . عن سعد بن أبي وقاص : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع التمر بالرطب نسيئة .
6172 - ووجدنا محمد بن عبدة بن عبد الله المروزي قد حدثنا [ ص: 475 ] قال : حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع ، حدثنا معاوية بن سلام ، عن يحيى بن أبي كثير قال : أخبرني عبد الله أن أبا عياش أخبره .
أنه سمع سعد بن أبي وقاص يقول : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الرطب بالتمر نسيئة .
فكان يحيى بن أبي كثير لا يتجاوزه أحد في الجلالة ممن روى هذا الحديث عن عبد الله بن يزيد ، فأثبت أن النهي كان من النبي صلى الله عليه وسلم عما نهى عنه فيه كان على النسيئة ، وفي ذلك ما قد دل على فساد متنه مما تقدم في هذا الباب من فساد أسانيده .
ثم وجدنا هذا الحديث قد روي عن رجل أضيف ولاؤه إلى بني مخزوم ، ولم يسم الذي روى عنه عمران بن أبي أنس ، فالذي رواه عن عمران بن أبي أنس ليس بدون يحيى بن أبي كثير ، وهو ابن الأشج .
6173 - كما حدثنا يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن [ ص: 476 ] الحارث أن بكير بن عبد الله ابن الأشج ، حدثه عن عمران بن أبي أنس ، حدثه أن مولى لبني مخزوم حدثه .
أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن الرجل يسلف من الرجل الرطب بالتمر إلى أجل ، فقال سعد : نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا . قال بكير : وهذا ننهى عنه .
فبان بحمد الله ونعمته فساد هذا الحديث في إسناده وفي متنه جميعا ، وأنه لا حجة على من خالفه من أبي حنيفة ومن تابعه على خلافه فيه .
وكان القياس أيضا يوجبه ; لأن السنة قد أجازت بيع الرطب بالرطب مثلا بمثل ، ولم ينظر في ذلك إلى ما يعود إليه بالحقوق من الاستواء ومن الاختلاف ، فدل ذلك أنه كذلك الرطب بالتمر إذا بيعا مثلا بمثل سواء بسواء أن يكونا جائزين ، وأن لا ينظر في ذلك إلى ما يعود إليه الرطب منها بعد الجفوف من النقصان عن التمر المبيع به [ ص: 477 ] وأجازت السنة أيضا بيع التمر بالتمر مثلا بمثل ، والحنطة بالحنطة مثلا بمثل ، والشعير بالشعير مثلا بمثل ، وهي أشياء مما يحيط العلم بتغيرها بعد البيع بالجفوف والنقصان ، فلم ينظر إلى ذلك فيها ، ونظر إلى أحوالها التي تكون عليها يوم يقع البيع عليها لا ما سوى ذلك منها ، مع أن في فساد الأصل الذي تعلق به الذاهبون إلى ذلك القول ما يقطع حجتهم ، ويمنع ما كانوا يحتجون به مما بان عليهم فساده كما ذكرنا مما ذكرنا ، وبالله التوفيق .



